Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php71/sess_88193b1ef7f6663774039b4919d9b14c, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/elqmh/public_html/libs/loader.php on line 1996

Warning: session_start(): Failed to read session data: files (path: /var/cpanel/php/sessions/ea-php71) in /home/elqmh/public_html/libs/loader.php on line 1996
اكد الدكتور عمر ابو وزيرة : مدير وحدة أبحاث إعادة إعمار عين زبيدة والمياه الجوفية

اكد الدكتور عمر ابو وزيرة : مدير وحدة أبحاث إعادة إعمار عين زبيدة والمياه الجوفية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
ماذا يعني لك شهر رمضان؟ وماذا تختزنُ في ذاكرتك من لحظات جميلة ومواقف في أشهر رمضان الماضية؟شهر رمضان هو شهر الروحانيات والفيوضات والأنوار والقرب من المولى عز وجل، ويعني لنا النقاء، ويعني الصفاء، ويعني صلة الأرحام، ويعني مداومة قراءة القرآن. هذا هو الجانب الروحي لشهر رمضان، وهو بالنسبة لي شهر النشاط، والقوة، والهمة، وتذكر الأيام الجميلة الحلوة. رمضان شهر النصر والعز والافتخار، رمضان شهر النصر على الأعداء في غزوة بدر الكبرى، وفيه فتح مكة، وفتح عمورية، وفيه معركة عين جالوت. الكثير من الفتوحات والمعارك الإسلامية التي ارتفعت فيها راية الإسلام خفاقة كانت في شهر رمضان. لذلك شهر رمضان يجعل المسلم يتذكر أياماً مجيدة، وأيام عز وفخر. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبعث فينا هذا النشاط، وأن يبعث فينا هذه الهمة، وأن يجعلنا نتذكر تلك الأيام المجيدة التي يفخر بها كل مسلم.

الآن، ولله الحمد، فقد تجاوزتُ السبعين. ولدتُ وربيتُ في مكة المكرمة، وكانت منازلنا ومتاجرنا ملاصقةً للمسجد الحرام، وبالتحديد باب إبراهيم الذي يطل على السوق الصغير. تَرَسَّخت في ذاكرتي أشياء كثيرة عن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والرياض. أكرمَني الله بالتخرج من جامعة الرياض، (الآن جامعة الملك سعود). ذكريات جميلة لا ولن أنساها حتى ألقى ربي إن شاء الله.

الزائرون لمكة المكرمة كانوا من كل مكان من مدن المملكة ومن دول الخليج. يمتلئ المسجد الحرام عن بكرة أبيه، وله عبق روحي فريد. حيث حلقات القرآن المنتشرة في الحرم الشريف، خاصة بعد صلاة العصر مباشرة، تجد الحلقات منتشرة في جميع أنحاء الحرم الشريف. الحافظون يتذاكرون، وغير الحافظين يرتلون، أمامهم الكعبة الغراء والطائفون. تسمع الذاكرين وترى الداعين والمتذليين المنكسرين، أجواءً روحانية جميلةً لا تراها في أي مكان آخر في العالم.

وتظل مكة المكرمة قبلة يأتيها الناس من كل مكان، من نجد، من المنطقة الشرقية والأحساء، من الخليج العربي، ومن بعض الدول الإسلامية الأخرى ليصوموا العشر الأواخر من رمضان في مكة المكرمة. يعيش الناس في الحرم خلال هذه الفترة أجواءً روحانية لا تُنسى، أجواءً جميلةً يملؤها عبق زمزم والسُّفَر الرمضانية التي كانت تنتشر في المسجد الحرام مفتوحةً لكل من يريد. والحمد لله، ما زالت هذه الأجواء قائمةً، ولكن بترتيب مختلف. كانت الخلاوي سابقاً تستخدم المستكة والعود والبخور في تبخير الدوارق والشراب. تُمدّ السُّفَر على الأرض قبل أذان المغرب بنصف ساعة حتى يفطر الناس. أجواءٌ روحانية لا يمكن لأي مسلم حضرها أن ينساها، قديمًا وحديثًا. من يحب أن يشاهدها فليصُم يومًا واحدًا من رمضان في الحرم ويعيش الدقائق الأخيرة قبل الإفطار. يجد من الأجواء الروحانية متعةً في النظر إلى الكعبة المشرفة، والطائفين، والذاكرين، والقارئين. أجواءٌ روحانية لا يمكن لأي عبارة أن تعبر عنها. الله أكبر.

وبعد أن نفطر، تخف الزحمة ويذهب الناس إلى بيوتهم لتناول وجبة العشاء والاستعداد لصلاة العشاء والتراويح. في التراويح، تُخيّم أجواء روحانية في المسجد الحرام والمسجد النبوي لا مثيل لها في أي مكان بالعالم. تصلي التراويح، فإذا رفعت رأسك، ترى الكعبة المشرفة والطائفين في خشوع وقرب من الله. تجد هناك التجليات والفيوضات، والكعبة الشريفة المشرفة، والمنظر الجميل، والإمام بصوته العذب الرخيم. أتذكر الشيخ عبد الله الخليفي، رحمه الله، صاحب أجمل تلاوة قرآنية سمعتها في حياتي. كان رجلًا زاهدًا ذا صوت جميل رخيم، وكان يبكي ويبكي من خلفه، خاصة في صلاة الوتر. الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته.

من الأشياء التي لا تُنسى في رمضان في المسجد الحرام، صلاة القيام أو صلاة التهجد. أعلم أنه في منتصف الثمانينات الهجرية، لم تكن تقام صلاة القيام في الحرم، لكننا كنا ننتظر الإمام عبد الله الخليفي، رحمه الله واسكنه فسيح جناته، ليصلي بنا في باب السلام. كنا نجتمع حوالي 100 شخص، وكان يصلي بنا صلاة القيام في العشر الأواخر فقط. ثم رأت المملكة العربية السعودية، جزاها الله خيرًا، أن تصلى صلاة التهجد جماعة في المسجد الحرام، فاتبعتها الدول العربية وبعض الدول الإسلامية. فالسبق الأول في صلاة القيام جماعة في المساجد يعود للمملكة العربية السعودية. وفي هذه الأيام، ومن كرم الله، تقام صلاة القيام جماعة في المساجد، وأصبحت مفخرة للمملكة العربية السعودية، كونها أول من بدأ صلاة القيام جماعة في المساجد..

ومن الأشياء الجميلة في المملكة العربية السعودية، وأنا أعرف هذا وأنا ابن عشر، أن ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وكثير من العائلة المالكة وكبار المسؤولين يقضون العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في مكة المكرمة. والآن كادت أو أصبحت سنة ولاة الأمر من أيام الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله رحمهم الله، والآن في عهد الملك سلمان حفظه الله كلهم يقضون الأيام الأخيرة من شهر رمضان في مكة المكرمة يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى. أتضرع إلى المولى الجليل أن يعزّ هذا البلد ويعزّ أهله ويعزّ ولاة أمره، ويجعله في أمن وطمأنينة وبركة ورزق وخير وفير.

ومن الذكريات الجميلة التي لا أستطيع أن أنساها أن الأسواق في مكة المكرمة، من يوم 24، وبتنسيق مع البلدية، تتزين بأشكال جميلة استعدادًا للعيد، وبماكولات وحلويات العيد، والسوق الصغير على رأس هذه الأسواق. وتجد الناس منتشرين فيها يتقضّون للعيد أنواعًا معينة من الأكل: زيتون وجبن وفواكه وخضروات وأكلات مكية، وبالعكس، قد يكون في مدن المملكة أطعمة متشابهة منتشرة في كل المناطق. حفظ الله المملكة وحفظ الله شامها ويمنها وشرقها وغربها.

ومن الأشياء التي لا يمكن أن أنساها في مكة المكرمة أيام العيد المبارك، ونفسي أن يعود كما كان وأستطيع أن أسميها أيام التواصل وصلة الأرحام والأقارب، أيام التسامح والصفح والمسامحة، أيام النقاء وأيام الصفاء. أكثر الناس الذين بينهم شحناء يتزاورون ويسامح كل منهم الآخر، كانوا ينتظرون العيد لأجل أن يتصالحوا. كان هناك ترتيب جميل في مكة المكرمة للزيارات، حيث كان فيها ما يقارب 15 حياً أو حارة، وكل يوم من أيام العيد محدد لزيارة أحياء معينة. اليوم الأول لحواري معينة يقعدون في بيوتهم يستقبلون الناس، اليوم الثاني لحواري أخرى أو محلات أخرى، وهكذا اليوم الثالث. بمعنى كان نوع من التنظيم يدل على أن هذه العادة قديمة ومخدومة. هذه العادات كانت تصفي القلوب وتنقي الأرواح، وتجعل التواصل بين الأرحام وبين الأصحاب وبين الأصدقاء كبيراً ومتيناً. وهذه من الأشياء التي أرجو من الله سبحانه وتعالى أن تعود إلينا.

ومن الأشياء الجميلة التي كنا ننتظرها أيضاً كأطفال العيدية هكذا اسمها، الجد والجدة والجيران والوالد والوالدة والأحباب والأصحاب كانوا يعطون الأطفال نوعاً من الهدايا الصغيرة التي تُسرهم كأطفال وتُحبب إليهم الزيارات. وهذه أيضاً من الأشياء الجميلة التي تُدخل السرور على الأطفال، خاصةً عندما يكونون من عائلات فقيرة. هذه كلها من الأشياء التي أقل ما أقول فيها إنها خفت.

ومن الأشياء الجميلة التي كانت في رمضان الوصل المادي، يعني عندنا كل عائلة تلتقي لها أربع أو خمس عوائل تعرفها، غالباً ما تكون من الأقارب والجيران الفقراء. يجيء رب الأسرة الذي تكون حالته مُيسورة، حتى لو كان مُيسوراً نسبياً، تجد عندهم نوعاً من التواصل الغذائي، يُرسل للعائلة هذه، حسب ما أعرفه، تنكة تمر، كيس رز، كيس سكر، خروف. هذه الأشياء، ورغم بساطتها، تدل على التواصل والترابط والحب. إنها نوع من إزالة البغض والحسد. ونفسي أن تكون هذه الأشياء الآن أكثر من الوقت السابق. نحن الآن، ولله الحمد، في خيرات كثيرة ورزق وفير. أول كانت الأيام صعبة نسبياً في الثمانينات، لم تكن مثل الآن، الآن نحن في خير لا يعلمه إلا الله، الله يديم نعمه وفضله على هذه البلاد حكومة وشعباً وزائرين. الله يديم عليها الفضل والعزة والكرم ويجعلنا إن شاء الله من المقبولين.

ومن الذكريات الجميلة في أيام العيد المبارك، التنزه في وادي فاطمة، الذي كان تقريباً المنتزه الوحيد. رحم الله والدي، كان يأخذنا كمجموعات إلى الوادي، فنلعب كأطفال في الجموم في البرقة. ومن أكثر الأماكن التي كنا نزورها في عيد الفطر هي جدة، حيث البحر الأحمر الدافئ والأكلات البحرية الجميلة، وملاهي الأطفال المسلية في جدة القديمة. كان يخصص يوماً ننزل فيه كلنا إلى جدة البلد، جدة القديمة الآن، فنقضي يوماً كاملاً في جدة.

ومن الأشياء التي كانت المملكة العربية السعودية تهتم بها في إمارة مكة المكرمة، وربما في إمارات المملكة الأخرى، والتي نسميها عندنا في مكة وجدة والطائف "الزينة"، حيث يجتمع أعيان الحي مع شيخ الحي الذي يُطلق عليه الآن "العمدة" ويجمعون مبالغ رمزية، ويعملون زينة لإدخال البهجة والفرحة والسرور على أهل الحي. ويقوم شيخ كل حي بمرافقة أعيان الحي بزيارة الأحياء الأخرى في الزينة، وإن كانت هناك زيارات فردية وعائلية، فهذه الزيارات على مستوى الأحياء وكان يَشرف على كل زينة تقريباً سمو أمير منطقة مكة المكرمة. أتذكر يوم كنت صغيرًا مرة زارنا في الزينة "زينة محلة المسفلة " صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن سعود يرحمه الله، ولا زلت أتذكر عندما زارنا في إحدى المرات في بساتين بدر قصر أفراح بدر الذي كان تابعاً للبلدية الأمير مشعل بن عبد العزيز رحمه الله. وهذه أيضاً من الأشياء الجميلة. والزين ، جمع زينة، هذه تخدم بجهود شخصية، جهود فردية، يعني بمجهود الحي، كلها تقوم، ويعيشها الناس في أيام العيد الأربعة كلها. وفي قرابة منتصف الليل تمتد موائد العشاء وهي أكلة مكية تسمى عربي تتكون من أرز ولحم وحليب. ويوم رابع العيد يقام حفل الاختتام ، هذه أيضاً من الأشياء الجميلة. وفي مكة عندنا بعض الألعاب الجميلة والأغاني، وكانت تُنظم وترتب منها المزهد والغناء المكي الذي نسميه "الصهبة"، ويسمونه الغناء اليماني، والغناء المصري، والكسرات والفرعي والحدري. وكانت مرتبة حيث أن شيخ الحي وكبار الحي كانوا يشرفون عليها وهي أشياء بريئة تُخلي الناس ينبسطون ويضحكون ويلعبون مزمار فيها ويدار بإدارة حكيمة من قبل شيخ الحي ومن قبل وجهاء الحي.

ومن العادات الجميلة في مكة المكرمة التي عشتها أنا أنه يكون إفطار أول يوم في العيد عند كبير العائلة، كبير العائلة يعد إفطاراً كبيراً لإخوانه وأبناء عمومته وأحفاده كلهم، فكان هذا أيضاً من العادات الجميلة الدينية الحلوة والتي فيها تجتمع الأسرة كلها وتفطر وكبير العائلة يعيد الأطفال بهدايا بسيطة أو مبالغ مادية. وانا أدركت أيام ما كانت العيدية ريال فضة في أول أيامي، في آخر السبعينات كانوا يعطون الأطفال ريال فضة بما يعادل 20 ريال في هذا الوقت، واللي يعطيه الأطفال اللعبة واللي يعطيهم قروش. وهذه من الأشياء الجميلة التي أتمنى وكنت أتمنى أن لا تنتهي. ومن الأشياء الجميلة التي لن أنساها صلاة العيد بعد صلاة الفجر بساعة، تلتقي الناس أفواجاً أفواجاً رجالاً ونساء يذهبون إلى المسجد الحرام يصلي الفجر ويبدأ بالتكبير. والتكبير كان تكبيراً جماعياً يهتز المسجد من التكبير والتحميد والتهليل بأصوات جميلة للمؤذنين والحاضرين يسمعها أهل المنازل والأسواق التي تحيط بالحرم. روحانيات وأجواء تجعل الفرد يعيش أحلى لحظات عمره. والناس في أحلى حللهم، لبسهم جميل ورائحتهم جميلة. نصلي الفجر ثم نقعد إلى صلاة العيد ونصلي العيد ونصلي ونسمع الخطبة ثم نرجع إلى منازلنا عند كبير العائلة كما أسلفت سابقاً، وغالباً ما يكون الجد بمعنى آخر كبير العائلة، ويكون يوما مميزا في هذه العائلة، وهذا يسمى شيخ العائلة، كبير العائلة أو عميد العائلة.

كذلك من الأشياء الجميلة المؤثرة ومن الأيادي البيضاء لحكومات هذه الدولة المباركة والتي أتذكرها قبل أن أذهب إلى الرياض أن الملك سعود رحمه الله كان في منتصف رمضان يقوم بإرسال شاحنة كبيرة مليئة بالأرزاق. كنتُ شاهدًا عليها في أيامه رحمه الله، يرسلها لشيخ المحلة الذي يستقبل هذه الشاحنة المحملة بالأرزاق، وهي خمسة أنواع أو ستة: السكر، والسمن، والأرز، والبن، والشاي. تصرف هذه الأرزاق لفقراء المحلة بإشراف شيخ المحلة وأعيانها. كانت هذه صدقة الملك سعود على فقراء الحرم. ومن الأشياء الجميلة التي عشتُها من أيام الملك سعود، رحمه الله، ومن بعده ولاة الأمر في هذه الدولة المباركة، أعزهم الله وحفظهم وحفظ الرعية كلها، والتي ما زلتُ أذكرها، كان تُجِيء الهدايا من الملك سعود، رحمه الله، لأعيان المحلة، لشيخ المحلة وبعض أعيان المحلة، ونحن نسميها المشلح، وشماغ، وقطعة قماش فاخر، تأتي هكذا في بقشة جميلة، تُوزّع على أعيان المحلة. أنا لحقتُ هذا ورأيته وعايشته قبل أن أذهب إلى الرياض.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

بداية، أحب أن أتقدم بالتهنئة والمباركة بقدوم هذا الشهر المبارك إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله، وإلى الأسرة المالكة الكريمة، وإلى الشعب السعودي الكريم، وإلى الشعب الإسلامي العظيم.

ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعين الجميع على الصيام والقيام وكثرة تلاوة القرآن والصلاة والسلام على نبينا خير الأنام، وأن يتقبل منا بفضله وكرمه ومنه، وأن يعيد علينا هذا الشهر المبارك أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية وتقوى وإيمان، وأدعو الله عزوجل مخلصاً أن يحفظ بلدنا المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها، وأن يوفق الجميع للمزيد من الخير والعمل الصالح البار.

وأود أن أتقدم بالشكر والتقدير لصحيفة المدينة على إجراء هذا الحوار الرمضاني الممتع، لقد كان شرفًا كبيرًا لي أن أتحدث مع صحيفة عريقة مثل صحيفة المدينة، ولطالما حظيت باحترام وتقدير كبيرين من قبل القراء في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. وأود أيضًا أن أهنئ القائمين على صحيفة المدينة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات. وأشكر بشكل خاص الدكتور علي العميري على جهوده في إعداد هذا الحوار، وعلى اهتمامه الكبير بالموضوعات التي تم التطرق إليها خلال اللقاء. أشكركم مرة أخرى، وأتمنى لصحيفة المدينة المزيد من التقدم والازدهار.

ماذا يعني لك شهر رمضان؟ وماذا تختزنُ في ذاكرتك من لحظات جميلة ومواقف في أشهر رمضان الماضية؟

شهر رمضان هو شهر الروحانيات والفيوضات والأنوار والقرب من المولى عز وجل، ويعني لنا النقاء، ويعني الصفاء، ويعني صلة الأرحام، ويعني مداومة قراءة القرآن. هذا هو الجانب الروحي لشهر رمضان، وهو بالنسبة لي شهر النشاط، والقوة، والهمة، وتذكر الأيام الجميلة الحلوة. رمضان شهر النصر والعز والافتخار، رمضان شهر النصر على الأعداء في غزوة بدر الكبرى، وفيه فتح مكة، وفتح عمورية، وفيه معركة عين جالوت. الكثير من الفتوحات والمعارك الإسلامية التي ارتفعت فيها راية الإسلام خفاقة كانت في شهر رمضان. لذلك شهر رمضان يجعل المسلم يتذكر أياماً مجيدة، وأيام عز وفخر. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبعث فينا هذا النشاط، وأن يبعث فينا هذه الهمة، وأن يجعلنا نتذكر تلك الأيام المجيدة التي يفخر بها كل مسلم.

الآن، ولله الحمد، فقد تجاوزتُ السبعين. ولدتُ وربيتُ في مكة المكرمة، وكانت منازلنا ومتاجرنا ملاصقةً للمسجد الحرام، وبالتحديد باب إبراهيم الذي يطل على السوق الصغير. تَرَسَّخت في ذاكرتي أشياء كثيرة عن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والرياض. أكرمَني الله بالتخرج من جامعة الرياض، (الآن جامعة الملك سعود). ذكريات جميلة لا ولن أنساها حتى ألقى ربي إن شاء الله.

الزائرون لمكة المكرمة كانوا من كل مكان من مدن المملكة ومن دول الخليج. يمتلئ المسجد الحرام عن بكرة أبيه، وله عبق روحي فريد. حيث حلقات القرآن المنتشرة في الحرم الشريف، خاصة بعد صلاة العصر مباشرة، تجد الحلقات منتشرة في جميع أنحاء الحرم الشريف. الحافظون يتذاكرون، وغير الحافظين يرتلون، أمامهم الكعبة الغراء والطائفون. تسمع الذاكرين وترى الداعين والمتذليين المنكسرين، أجواءً روحانية جميلةً لا تراها في أي مكان آخر في العالم.

وتظل مكة المكرمة قبلة يأتيها الناس من كل مكان، من نجد، من المنطقة الشرقية والأحساء، من الخليج العربي، ومن بعض الدول الإسلامية الأخرى ليصوموا العشر الأواخر من رمضان في مكة المكرمة. يعيش الناس في الحرم خلال هذه الفترة أجواءً روحانية لا تُنسى، أجواءً جميلةً يملؤها عبق زمزم والسُّفَر الرمضانية التي كانت تنتشر في المسجد الحرام مفتوحةً لكل من يريد. والحمد لله، ما زالت هذه الأجواء قائمةً، ولكن بترتيب مختلف. كانت الخلاوي سابقاً تستخدم المستكة والعود والبخور في تبخير الدوارق والشراب. تُمدّ السُّفَر على الأرض قبل أذان المغرب بنصف ساعة حتى يفطر الناس. أجواءٌ روحانية لا يمكن لأي مسلم حضرها أن ينساها، قديمًا وحديثًا. من يحب أن يشاهدها فليصُم يومًا واحدًا من رمضان في الحرم ويعيش الدقائق الأخيرة قبل الإفطار. يجد من الأجواء الروحانية متعةً في النظر إلى الكعبة المشرفة، والطائفين، والذاكرين، والقارئين. أجواءٌ روحانية لا يمكن لأي عبارة أن تعبر عنها. الله أكبر.

وبعد أن نفطر، تخف الزحمة ويذهب الناس إلى بيوتهم لتناول وجبة العشاء والاستعداد لصلاة العشاء والتراويح. في التراويح، تُخيّم أجواء روحانية في المسجد الحرام والمسجد النبوي لا مثيل لها في أي مكان بالعالم. تصلي التراويح، فإذا رفعت رأسك، ترى الكعبة المشرفة والطائفين في خشوع وقرب من الله. تجد هناك التجليات والفيوضات، والكعبة الشريفة المشرفة، والمنظر الجميل، والإمام بصوته العذب الرخيم. أتذكر الشيخ عبد الله الخليفي، رحمه الله، صاحب أجمل تلاوة قرآنية سمعتها في حياتي. كان رجلًا زاهدًا ذا صوت جميل رخيم، وكان يبكي ويبكي من خلفه، خاصة في صلاة الوتر. الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته.

من الأشياء التي لا تُنسى في رمضان في المسجد الحرام، صلاة القيام أو صلاة التهجد. أعلم أنه في منتصف الثمانينات الهجرية، لم تكن تقام صلاة القيام في الحرم، لكننا كنا ننتظر الإمام عبد الله الخليفي، رحمه الله واسكنه فسيح جناته، ليصلي بنا في باب السلام. كنا نجتمع حوالي 100 شخص، وكان يصلي بنا صلاة القيام في العشر الأواخر فقط. ثم رأت المملكة العربية السعودية، جزاها الله خيرًا، أن تصلى صلاة التهجد جماعة في المسجد الحرام، فاتبعتها الدول العربية وبعض الدول الإسلامية. فالسبق الأول في صلاة القيام جماعة في المساجد يعود للمملكة العربية السعودية. وفي هذه الأيام، ومن كرم الله، تقام صلاة القيام جماعة في المساجد، وأصبحت مفخرة للمملكة العربية السعودية، كونها أول من بدأ صلاة القيام جماعة في المساجد..

ومن الأشياء الجميلة في المملكة العربية السعودية، وأنا أعرف هذا وأنا ابن عشر، أن ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وكثير من العائلة المالكة وكبار المسؤولين يقضون العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في مكة المكرمة. والآن كادت أو أصبحت سنة ولاة الأمر من أيام الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله رحمهم الله، والآن في عهد الملك سلمان حفظه الله كلهم يقضون الأيام الأخيرة من شهر رمضان في مكة المكرمة يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى. أتضرع إلى المولى الجليل أن يعزّ هذا البلد ويعزّ أهله ويعزّ ولاة أمره، ويجعله في أمن وطمأنينة وبركة ورزق وخير وفير.

ومن الذكريات الجميلة التي لا أستطيع أن أنساها أن الأسواق في مكة المكرمة، من يوم 24، وبتنسيق مع البلدية، تتزين بأشكال جميلة استعدادًا للعيد، وبماكولات وحلويات العيد، والسوق الصغير على رأس هذه الأسواق. وتجد الناس منتشرين فيها يتقضّون للعيد أنواعًا معينة من الأكل: زيتون وجبن وفواكه وخضروات وأكلات مكية، وبالعكس، قد يكون في مدن المملكة أطعمة متشابهة منتشرة في كل المناطق. حفظ الله المملكة وحفظ الله شامها ويمنها وشرقها وغربها.

ومن الأشياء التي لا يمكن أن أنساها في مكة المكرمة أيام العيد المبارك، ونفسي أن يعود كما كان وأستطيع أن أسميها أيام التواصل وصلة الأرحام والأقارب، أيام التسامح والصفح والمسامحة، أيام النقاء وأيام الصفاء. أكثر الناس الذين بينهم شحناء يتزاورون ويسامح كل منهم الآخر، كانوا ينتظرون العيد لأجل أن يتصالحوا. كان هناك ترتيب جميل في مكة المكرمة للزيارات، حيث كان فيها ما يقارب 15 حياً أو حارة، وكل يوم من أيام العيد محدد لزيارة أحياء معينة. اليوم الأول لحواري معينة يقعدون في بيوتهم يستقبلون الناس، اليوم الثاني لحواري أخرى أو محلات أخرى، وهكذا اليوم الثالث.

بمعنى كان نوع من التنظيم يدل على أن هذه العادة قديمة ومخدومة. هذه العادات كانت تصفي القلوب وتنقي الأرواح، وتجعل التواصل بين الأرحام وبين الأصحاب وبين الأصدقاء كبيراً ومتيناً. وهذه من الأشياء التي أرجو من الله سبحانه وتعالى أن تعود إلينا.

ومن الأشياء الجميلة التي كنا ننتظرها أيضاً كأطفال العيدية هكذا اسمها، الجد والجدة والجيران والوالد والوالدة والأحباب والأصحاب كانوا يعطون الأطفال نوعاً من الهدايا الصغيرة التي تُسرهم كأطفال وتُحبب إليهم الزيارات. وهذه أيضاً من الأشياء الجميلة التي تُدخل السرور على الأطفال، خاصةً عندما يكونون من عائلات فقيرة. هذه كلها من الأشياء التي أقل ما أقول فيها إنها خفت.

ومن الأشياء الجميلة التي كانت في رمضان الوصل المادي، يعني عندنا كل عائلة تلتقي لها أربع أو خمس عوائل تعرفها، غالباً ما تكون من الأقارب والجيران الفقراء. يجيء رب الأسرة الذي تكون حالته مُيسورة، حتى لو كان مُيسوراً نسبياً، تجد عندهم نوعاً من التواصل الغذائي، يُرسل للعائلة هذه، حسب ما أعرفه، تنكة تمر، كيس رز، كيس سكر، خروف. هذه الأشياء، ورغم بساطتها، تدل على التواصل والترابط والحب. إنها نوع من إزالة البغض والحسد. ونفسي أن تكون هذه الأشياء الآن أكثر من الوقت السابق. نحن الآن، ولله الحمد، في خيرات كثيرة ورزق وفير. أول كانت الأيام صعبة نسبياً في الثمانينات، لم تكن مثل الآن، الآن نحن في خير لا يعلمه إلا الله، الله يديم نعمه وفضله على هذه البلاد حكومة وشعباً وزائرين. الله يديم عليها الفضل والعزة والكرم ويجعلنا إن شاء الله من المقبولين.

ومن الذكريات الجميلة في أيام العيد المبارك، التنزه في وادي فاطمة، الذي كان تقريباً المنتزه الوحيد.

رحم الله والدي، كان يأخذنا كمجموعات إلى الوادي، فنلعب كأطفال في الجموم في البرقة. ومن أكثر الأماكن التي كنا نزورها في عيد الفطر هي جدة، حيث البحر الأحمر الدافئ والأكلات البحرية الجميلة، وملاهي الأطفال المسلية في جدة القديمة. كان يخصص يوماً ننزل فيه كلنا إلى جدة البلد، جدة القديمة الآن، فنقضي يوماً كاملاً في جدة.

ومن الأشياء التي كانت المملكة العربية السعودية تهتم بها في إمارة مكة المكرمة، وربما في إمارات المملكة الأخرى، والتي نسميها عندنا في مكة وجدة والطائف "الزينة"، حيث يجتمع أعيان الحي مع شيخ الحي الذي يُطلق عليه الآن "العمدة" ويجمعون مبالغ رمزية، ويعملون زينة لإدخال البهجة والفرحة والسرور على أهل الحي. ويقوم شيخ كل حي بمرافقة أعيان الحي بزيارة الأحياء الأخرى في الزينة، وإن كانت هناك زيارات فردية وعائلية، فهذه الزيارات على مستوى الأحياء وكان يَشرف على كل زينة تقريباً سمو أمير منطقة مكة المكرمة. أتذكر يوم كنت صغيرًا مرة زارنا في الزينة "زينة محلة المسفلة " صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن سعود يرحمه الله، ولا زلت أتذكر عندما زارنا في إحدى المرات في بساتين بدر قصر أفراح بدر الذي كان تابعاً للبلدية الأمير مشعل بن عبد العزيز رحمه الله.

وهذه أيضاً من الأشياء الجميلة. والزين ، جمع زينة، هذه تخدم بجهود شخصية، جهود فردية، يعني بمجهود الحي، كلها تقوم، ويعيشها الناس في أيام العيد الأربعة كلها. وفي قرابة منتصف الليل تمتد موائد العشاء وهي أكلة مكية تسمى عربي تتكون من أرز ولحم وحليب. ويوم رابع العيد يقام حفل الاختتام ، هذه أيضاً من الأشياء الجميلة. وفي مكة عندنا بعض الألعاب الجميلة والأغاني، وكانت تُنظم وترتب منها المزهد والغناء المكي الذي نسميه "الصهبة"، ويسمونه الغناء اليماني، والغناء المصري، والكسرات والفرعي والحدري. وكانت مرتبة حيث أن شيخ الحي وكبار الحي كانوا يشرفون عليها وهي أشياء بريئة تُخلي الناس ينبسطون ويضحكون ويلعبون مزمار فيها ويدار بإدارة حكيمة من قبل شيخ الحي ومن قبل وجهاء الحي.

ومن العادات الجميلة في مكة المكرمة التي عشتها أنا أنه يكون إفطار أول يوم في العيد عند كبير العائلة، كبير العائلة يعد إفطاراً كبيراً لإخوانه وأبناء عمومته وأحفاده كلهم، فكان هذا أيضاً من العادات الجميلة الدينية الحلوة والتي فيها تجتمع الأسرة كلها وتفطر وكبير العائلة يعيد الأطفال بهدايا بسيطة أو مبالغ مادية. وانا أدركت أيام ما كانت العيدية ريال فضة في أول أيامي، في آخر السبعينات كانوا يعطون الأطفال ريال فضة بما يعادل 20 ريال في هذا الوقت، واللي يعطيه الأطفال اللعبة واللي يعطيهم قروش. وهذه من الأشياء الجميلة التي أتمنى وكنت أتمنى أن لا تنتهي.

ومن الأشياء الجميلة التي لن أنساها صلاة العيد بعد صلاة الفجر بساعة، تلتقي الناس أفواجاً أفواجاً رجالاً ونساء يذهبون إلى المسجد الحرام يصلي الفجر ويبدأ بالتكبير. والتكبير كان تكبيراً جماعياً يهتز المسجد من التكبير والتحميد والتهليل بأصوات جميلة للمؤذنين والحاضرين يسمعها أهل المنازل والأسواق التي تحيط بالحرم. روحانيات وأجواء تجعل الفرد يعيش أحلى لحظات عمره. والناس في أحلى حللهم، لبسهم جميل ورائحتهم جميلة. نصلي الفجر ثم نقعد إلى صلاة العيد ونصلي العيد ونصلي ونسمع الخطبة ثم نرجع إلى منازلنا عند كبير العائلة كما أسلفت سابقاً، وغالباً ما يكون الجد بمعنى آخر كبير العائلة، ويكون يوما مميزا في هذه العائلة، وهذا يسمى شيخ العائلة، كبير العائلة أو عميد العائلة.

كذلك من الأشياء الجميلة المؤثرة ومن الأيادي البيضاء لحكومات هذه الدولة المباركة والتي أتذكرها قبل أن أذهب إلى الرياض أن الملك سعود رحمه الله كان في منتصف رمضان يقوم بإرسال شاحنة كبيرة مليئة بالأرزاق. كنتُ شاهدًا عليها في أيامه رحمه الله، يرسلها لشيخ المحلة الذي يستقبل هذه الشاحنة المحملة بالأرزاق، وهي خمسة أنواع أو ستة: السكر، والسمن، والأرز، والبن، والشاي. تصرف هذه الأرزاق لفقراء المحلة بإشراف شيخ المحلة وأعيانها. كانت هذه صدقة الملك سعود على فقراء الحرم. ومن الأشياء الجميلة التي عشتُها من أيام الملك سعود، رحمه الله، ومن بعده ولاة الأمر في هذه الدولة المباركة، أعزهم الله وحفظهم وحفظ الرعية كلها، والتي ما زلتُ أذكرها، كان تُجِيء الهدايا من الملك سعود، رحمه الله، لأعيان المحلة، لشيخ المحلة وبعض أعيان المحلة، ونحن نسميها المشلح، وشماغ، وقطعة قماش فاخر، تأتي هكذا في بقشة جميلة، تُوزّع على أعيان المحلة. أنا لحقتُ هذا ورأيته وعايشته قبل أن أذهب إلى الرياض.

هل أنت مع الإفطار الجماعي مع الأصدقاء والأحباب؟

أنا في الإفطار في رمضان مع شيء من هذا وشيء من ذاك ولكن الأولوية للأهل والأولاد. فأعتقد أنها فرصة ثمينة أن يكون إفطار الواحد منا مع زوجته وأطفاله أكثر في هذا الشهر، لأن مشاغل الدنيا أصبحت كثيرة وكبيرة، ولكن هذا لا يمنع أن يخصص يوماً في الأسبوع لإفطار جماعي مع الأحباب والأصدقاء والأقارب، لكن لا تكون عادة على أغلب أيام الشهر.

الإفطار مع الأهل حق للزوجة والأولاد والأحفاد، نجلس معهم ونتناقش ونعطيهم قليلاً من النصائح، نحثهم على قراءة القرآن، نحثهم على الصدقات، نحثهم على الصلاة، نحثهم على أفعال الخير. فالجواب هنا أن تكون هناك أيام محدودة من الشهر للإفطار الجماعي مع الأصدقاء، ومعظم الأيام مع العائلة.

8- ما الذي يختلف في برنامجك الرمضاني هذا العام عن الأعوام الماضية؟

الحمد لله، أعوامنا كلها طيبة ومباركة بفضله علينا. ولكن في هذا العام، وضع ُت برنام ًجا يشتمل على قضاء أسبوع في المدينة المنورة وأسبوع في مكة المكرمة، جام ًعا بين الحسنيين. وقد أضف ُت إلى قراءة القرآن الكريم قراءة كتاب صحيح البخاري مع العائلة (الأولاد والأحفاد) لخلق علاقة وطيدة بين أولادي وبين السنة النبوية الشريفة المطهرة، فأغذي قلوبهم بالمنبعين الرئيسيين في شريعتنا القرآن الكريم والسنة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمنا بالقبول في هذا الشهر المبارك.

أخبار ذات صلة

0 تعليق