ماذا ينتظر الاقتصاد العالمي؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماذا ينتظر الاقتصاد العالمي؟, اليوم الأحد 31 ديسمبر 2023 12:05 صباحاً

المصدر:

التاريخ: 31 ديسمبر 2023

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد السياسة النقدية إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها البنوك المركزية حول العالم للموازنة بين الحفاظ على النشاط الاقتصادي ومكافحة الضغوط التضخمية.

وذلك من خلال التحكم في أسعار الفائدة، وكميات النقد المتداولة في الاقتصاد، إذ يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة كلفة الاقتراض، وبالتالي كبح الاستهلاك والاستثمار، ما يؤدي إلى تخفيف تضخم الأسعار والطلب الكلي والحد من النمو الاقتصادي، بينما يؤدي خفض سعر الفائدة إلى تحفيز الاقتراض وتشجيع الاستهلاك والاستثمار وتنشيط الاقتصاد.

ومثلما هو حال السياسة الخارجية، فإن هناك تبايناً في الآراء بشأن النظرة إلى كيفية التعامل مع التضخم، حيث يعتبر «معسكر التضخم المرحلي» و«معسكر التضخم الدائم» إشارة إلى المواقف المختلفة لمخططي السياسات المالية والاقتصاديين تجاه التضخم.. إذ يرمز «معسكر التضخم المرحلي» لوصف الذين يظهرون تسامحاً وحذراً تجاه معدلات التضخم، مع تفضيل تحفيز النمو الاقتصادي على حساب مكافحة التضخم.

وفي المقابل، يستخدم رمز «معسكر التضخم الدائم» لوصف الذين يبدون صرامة، ومواقف حازمة تجاه التضخم؛ وضرورة القضاء على التضخم عبر استخدام سياسة نقدية حازمة تعمل على رفع الفوائد البنكية لمحاصرة التضخم، وبهذا، يظهر «معسكر التضخم المرحلي» التوازن والتسامح، في حين يجسد «معسكر التضخم الدائم» الصرامة والحزم في مواجهة التضخم.

وقد بدا هذا الانقسام بشكل أكثر وضوحاً في أعقاب جائحة كورونا بسبب تصاعد معدلات التضخم، حيث تبنى معسكر التضخم المرحلي فكرة أن التضخم الذي خلفته الجائحة ناجم عن اضطراب سلاسل الإمداد والتغيير في أنماط الطلب النابع من تغير طبيعة الحياة التي سببها الإغلاق وانخفاض الطلب على الخدمات مقابل السلع.

وقد كانت القناعة تتمثل في أن مشكلة التضخم العالمي هي مشكلة عابرة بسبب اضطراب سلاسل الإمداد، ومع إعادة فتح الاقتصاد ستنتهي أزمة التضخم بشكل تلقائي دون الحاجة إلى تدخل من جانب السياسة النقدية؛ حيث إن أزمة التضخم هي أزمة عرض وليست أزمة نابعة من جانب الطلب، وهذا يعني أن السياسة النقدية لن تكون فعالة بشكل كبير، وهذه الرؤية تبناها خبراء صندوق النقد الدولي، وحتى أعضاء الفيدرالي الأمريكي لفترة.

لكن الحرب بين روسيا وأوكرانيا وجموح أسعار السلع الأساسية أديا إلى ازدياد معدلات التضخم حول العالم، بدأت تعلو نبرة أصوات صقور التضخم مثل لاري سامرز، ومحمد العريان، وغيرهم من كبار خبراء الاقتصاد في العالم التي ترى أن أزمة التضخم هي أزمة عميقة، وليس مؤقتة، ويجب اتخاذ نهج حازم لمجابهتها، وشمل التغير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي والبنوك المركزية حول العالم حتى أن جيروم باول - رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تخلى عن موقفه السابق بأن التضخم أمر مؤقت وعابر.

وقد قاد ذلك للانتقال إلى مرحلة السياسات الاقتصادية الحازمة التي ارتفعت فيها أسعار الفائدة في الولايات المتحدة لتصل إلى معدلات تاريخية لم تحدث إلا في الثمانينيات، وارتفعت فيها قيمة الدولار الأمريكي بقوة أمام معظم عملات دول العالم ما يعني تصدير التضخم من الولايات المتحدة إلى دول أخرى في ظل تسعير معظم السلع الأساسية مثل الطاقة والغذاء بالعملة الأمريكية. وهنا نستحضر تساوي قيمة الدولار الأمريكي مع اليورو.

إن من نتائج هذا النهج الحازم هو معاناة الدول النامية، حيث ساهم ارتفاع أسعار الفائدة في خروج رؤوس الأموال من الدول النامية إلى الولايات المتحدة، والدول المتقدمة، وظهرت أزمة ديون مثلما حدث في اقتصاد سريلانكا الذي أعلن إفلاسه، فضلاً عن ارتفاع تكلفة خدمة الديون ومعدلات الفقر والبطالة.

في الشهر الماضي، ظهرت أرقام التضخم في الولايات المتحدة دون توقعات معسكر التضخم الدائم، حيث انخفضت بأكثر من المتوقع، ما يثير آمالاً بأن دورة التشدد النقدي لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وصلت إلى نهايتها. وبعد الإعلان عن هذه الأرقام أصبح الجدال بين الاقتصاديين حول ما إذا كان الانخفاض هو نتيجة لتشديد السياسة النقدية أو لا.

يقول العالم الاقتصادي جوزيف ستيجلتز (الفائر بجائرة نوبل الاقتصاد) إن «التشديد النقدي لم يساعد في حل الأزمة، فقد قاد ارتفاع أسعار الفائدة إلى تصاعد تكلفة التمويل العقاري، وبالتالي صعوبة شراء العقارات بالنسبة لأعداد متنامية من الناس، مما رفع الطلب على استئجار المنازل ورفع من كلفة الإيجارات وبالتالي من معدلات التضخم».

وعلى الرغم من أن انحسار معدلات التضخم، يدعو إلى التفاؤل والارتياح لأن الاقتصاد العالمي لم يدخل في مرحلة ركود اقتصادي وأظهر صلابة تجاه سياسات التشديد النقدي، لكن الارتباك بين الاقتصاديين يعيد إلى الأذهان الأزمة المالية العالمية عام 2008 عندما لم يتمكن غالبية الاقتصاديين من توقعها، ما يطرح السؤال الذي يعيد نفسه مرة بعد الأخرى: هل هناك أزمة في النظريات أم في الاقتصاديين؟

 

Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق