في إعمال العقل

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في إعمال العقل, اليوم الجمعة 10 مايو 2024 02:24 صباحاً

في إعمال العقل

نشر بوساطة عوضة بن علي الدوسي في الرياض يوم 10 - 05 - 2024

2074468
غالباً ما نتحدث عن إعمال العقل بطريقة موضوعية ومنطقية التي يتجلى فيها وعي الإنسان وقدرته على التعامل مع كل محيطه من خلال دور حيوي بناء وعطاء نافع متعد إلى الغير، مع محاولة جادة في الابتعاد عن كل ما يؤثر سلباً على سير الحياة اليومية وتجاوز الأخطاء، الأمر الذي يجعل الإنسان يفرق بين الحق والباطل ويعرف الحقيقة والزيف ويميز ما بين الخير والشر وهو لا يزال في مران ودربة من خلال التجارب وواقع الحياة والمعايشة اليومية، وهكذا تتوسع مداركه في طرائق إعمال العقل لأن التجارب كفيلة بتجاوز حالات المواقف والعثرات واستتباعاً لذلك تتوسع دائرة إعمال العقل، فكلما انفتح الإنسان على العالم والوجود خرج من مفهوم التيبس والصد المعرفي وشاهد واقع الحياة على حقيقتها وأن التنوع والاختلاف هو من أجلّ سمات الحياة اليومية، بل هي آيات لأولي الألباب أصحاب العقول التي تعي الأمور ومآلاتها وتدرك حقيقة هذا الاختلاف والتنوع، وأنه بات ضرورة لتسير الحياة، والعقل هو الطريق الوحيد إلى المعرفة والحياة.
إن عدم محاولة إعمال الإنسان لعقله هو طمس لوجوده بالكلية والخروج حتى من آدميته، ولا تتجلى الإنسانية في أبهى صورها إلا من خلال إعمال العقل والتعامل مع كل هذا الوجود بكل تبعاته، فحين غياب العقل حتماً تتسع دائرة الخطيئة ويتفشى خطر الإنسان وتقع الجريمة، فعندما نشفق فإن ذاك هو عين العقل، وفي حال تعاطفنا يكون حضوراً للعقل، وهكذا تتعدد صور وعي العقل في كل مسارات ومسارب الحياة، لأن وعي العقل هو حالة من الفطنة التذاهنية الممتدة لسمات من الحكمة والصفات الإنسانية السجايا القلبية والخصال الحميدة ومعها يكون السلام الداخلي مع الذات والآخر من خلال نظرتنا للحياة بكل متغيراتها وعوارضها وتداخلاتها، وبالتالي يكون العقل هو إشعاع النور الذي يجب أن ننقله نحو الآخر، وكل هذا الوجود وعلى مستويات متعددة كالقيم النبيلة والعدل والشفقة والرحمة والإنصاف والتعاون وغيرها، الأمر الذي يؤكد أن الإنسان يعيش ضمن دائرة إعمال عقله فإذا تجاور حالة إعمال العقل كان ثمة طغيان وتجاوز للوصول إلى عتمة ظلام نفسه، عندها يفقد ضوء الروح ووهج النفس الإنسانية ونبل الأخلاق، ليدخل في وساوس الشر ويمضي نحو غايات تبررها الوسيلة وجملها نزغ الشيطان ويغيب عن دوره ومن ثم يفتك به غياب العقل ليعكس واقعًا نفسيًّا مؤلمًا ليس على مستواه الشخصي بل سينعكس على واقع المجتمع برمته.
جماع القول؛ لا يمكن أن يبدأ دور الإنسان وفاعليته في الحياة دون حضور وافر لعقله، فلماذا البعض منا يركسه عنوة في دائرة الجهل والظلام وبغياب تام ويكبل قواه العقلية كي لا ينطلق في هذه الحياة من خلال قواسم مشتركة تضع الإنسان نفسه في دائرة المعنى الحقيقي للإنسان العاقل كمستخلف في هذه الأرض لينتظم دوره في الحياة ومناكبها، وذاك ما أرجوه وأتمناه.. وإلى لقاء.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق