البدر.. وهندسة الحزن

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البدر.. وهندسة الحزن, اليوم الجمعة 10 مايو 2024 02:24 صباحاً

البدر.. وهندسة الحزن

نشر بوساطة عبد الله بن محمد العمري في الرياض يوم 10 - 05 - 2024

2074470
لا ترتبط هندسة الحزن هنا بالهندسة الاجتماعية، هذا المصطلح المخاتل المخادع كما يعرفه المختصون في علم الاجتماع وغيره من التخصصات، وهو بعيد عنه كلياً، فما نود الحديث عنه هنا هو مصطلح نحاول أن ننتزعه من بين جنبات فقد البدر واخترنا له مصطلح «هندسة الحزن». مهندس الكلمة الذي ارتقى حزننا به ليكون ذلك الحزن المتسامي عن عبثيات الصخب. حزن جعلنا نهندس حزننا على البدر الذي علمنا كيف أن للشعور هندسة تتجسد في كلمة طوعها شعور وشعر البدر، وببساطة جعلنا فقد البدر نحزن ولكن لا نجزع. اعتصرنا الفقد، ورممنا إيماننا بأن بدرنا في ضيافة رب كريم، وكنف خالق رحمن رحيم.
تشاركنا جميعنا في «هندسة حزننا» على البدر فكان الحزن الموجع ولكنه لم يكن الساخط، فما في قلوبنا من يقين أنه لا يدوم إلا وجه الكريم العظيم جعلنا نتصبر ونصبر ونحتسب وإن كان الأسى يحرق قلوبنا. هندسنا حزننا على البدر كل في مجاله، فكان الإعلام سباقاً إلى بث برامج مخصصة للحديث عن البدر، وشرعت الصحافة قلبها ليٌكتب المقال والشعر والتقرير.
هندسنا حزننا بما كتبنا وبما قلنا وقبلها بالدعوات التي تعالت سحائب إلى رب العالمين، الذي وهبنا أساليب حياة في فرحنا وحزننا. هندسة حزن جعلتنا نستحضر قول فقيدنا: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن نبينا محمد عبده ورسوله، ثم أشهد أن هذا الوطن منا قبل أن يكون لنا..
أي عزاء عظيم منحه لنا البدر في فقده قبل فقده، شهادة حق من قالها كان بحول الله وفضله في جنات ونعيم، ووصية ضمنية نستحضرها عندما قال: إن هذا الوطن منا قبل أن يكون لنا.
هو كذلك يا فقيدنا، هو وطن فوق هام السحب، وسيظل بإذن الله تعالى، وطن جمعنا في قلبه وقالبه، وأعطانا تلك الحياة التي يغبطنا عليها كل محب، وشاركنا فيها كل من حل تحت سماء هذا الوطن وفوق ثراه. وطن انبثق منه ولأجله وجداننا الجمعي.. وجداننا الذي قال على لسان فقيدنا البدر:
الله الأول وعزك يا لوطن ثاني
لأهل الجزيرة سلام وللملك طاعة
حنا جنود الحرس للقايد الباني
رمحه.. ودرعه.. وكف الشيخ وذراعه
مثل السيوف البواتر وان جنى الجاني
يضرب بها ارقاب من بالدار طماعة
من بان عبد العزيز وصبحنا باني
ما عاد نقبل ظلام الليل لو ساعة
في السلم يشهد لنا عمار الأوطاني
وفي الحرب لرواحنا للموت بياعة
حنا فدى المملكة عن كل عدواني
والجيش والأمن ساري العز وشراعه
هندسنا حزننا على البدر بين صبر واحتساب ودموع كان لا بد من أن تأخذ طريقها رغم مغالبتنا لها، فمن شاركنا طفولتنا وصبانا تبكيه الذكريات قبل الحاضر، ويبكيه الوجدان قبل العين. وأنا على يقين أن هناك من هندس فقده على البدر بصدقة جارية بذلها على نية البدر.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق